جمال اللغة العربية


على أرض شنغهاي..حيث ينتمي عالمي وقتها، كنت في قطار "المترو" متجهة إلى الجامعة كما افعل كل صباح..وقد كنت في تلك الفترة أمر بالركود الذي يصيبني عادة في منتصف الفصل الدراسي..فلا شيء جديد..نفس نمط الدروس..نفس الوجوه تقابلها كل يوم..تنتهي من الجامعه تذهب للبيت..تعد الغداء..تنام قليلا…تذاكر ..تشاهد التلفاز..تتعشى فتنام! لا أحد يزورك ولا تزور احدا حتى تأتي عطلة الأسبوع

نرجع لحديثنا السابق..كنت في القطار..لم أشبع من النوم بعد..أقف بكل ملل بين الجموع التي تركب وتنزل حال توقفنا عند كل محطة..وأنا في هذا المزاج الصباحي الكئيب..وقع بصري على شاشة التلفاز المكتومة الصوت داخل القطار…واذا بي ارى أمرا اطار النوم من عيني من شدة الدهشة والفرحة..رأيت مقابلة مع أحد المصممين الصينيين الشباب..وقد صمم مجموعة من الملابس تحمل كلمات عربية..وبجانبه تقف عارضة الازياء وهي تلبس بلوزة مكتوب عليها كلمة" زراق" وكلمة "الل"والابتسامه تكاد تشق وجه المسكين الذي لا يعلم بان ما اختار كلمات غريبة وقام بطبعها على تصميمه خاصة الكلمة الثانية التي لم تدخل قاموس اللغة العربية قط!…


وأكاد أجزم يقينا بأن المصمم لم يفعل ذلك تحت تأثير أي شخص عربي ..لانه لو كان الامر كذلك لكان اختار كلمات صحيحة على الاقل…

أنا سعيدة لأنه اعجب بلغة القران..بحروفها واشكالها…سعيدة لأنه اختار أعظم كلمة لدينا..حتى وإن لم يكتبها بشكل صحيح ..كلمة "الله" فقد نسي الهاء.


لاحظت ايضا ان الشعوب الاسيوية معجبة بشكل كبير جدا باللغة العربية خاصة عند كتابتها..لكن تقصيرنا تجاهها ونظرتنا الدونية لها حالت دون تعريف الناس بها…

عندما كنت في الحفل الثقافي الذي تقيمه الجامعة سنويا للطلاب الاجانب…فكرت بالذي استطيع فعله لاعز لغتي..واظهر ثقافتي..ولاني لم اعلم بالحفل الا قبل فترة قصيرة..لم تدرج الجامعه "الدولة السعودية" ضمن قائمة الدول المشاركة…فنظام الجامعه ينتظر من الطالب ان يحضر ويعرف بنفسه ويطلب اعداد ركن خاص بدولته ليعرف الاخرين بها…

المهم..احضرت معي صحنا من التمر..وصحنا من المعمول..واوراقا بيضاء..و"قلم سبورة"…وطلبت من ركن طلاب وطالبات دولة الجزائر الانضمام اليهم…فقد كانت الجزائر هي الدول العربية الوحيدة المشاركة…اخرجت الاوراق ووضعتها على طاولتهم..وكتبت بالخط العريض..باللغة الانجليزية "اكتب اسمك باللغة العربية"…ووضعت صحن التمر وسلة المعمول..

كان الخجل يملأني ذلك الحين..فلقد تصورت اني سأرجع بالاوراق صفراء خالية ..وانه لن ينتبه احد لما كتبت…ولن يطلب احد ان تتم كتابه اسمه بلغتي الحبيبة…

فاستأذت من طلاب الجزائر ان اذهب في جولة استطلع فيها المكان والاركان واعود سريعا…وانا في حقيقة الامر قد فعلت ذلك كنوع من الهروب الذي ندمت عليه لاحقا..مضت حوالي عشر دقائق وانا اتنقل من ركن الى ركن..وبعد ان رجعت هالني ما رأيت…تجمع كبير عند الركن الجزائري..

صحن التمر قد قضي عليه ..والمعمول اختفى! ومجموعه كبيرة من الطلاب الاجانب يريدون كتابة اسمهم باللغة العربية..(قال لي احد الطلاب الجزائريين وقتها: تورطنا بهم..اسمائهم صعبه!) لم تكفي الاوراق من كثرة عدد الطلاب..حتى اننا اضطررنا الى ان نقص الورقة الواحدة الى ثلاث حتى تكفي.. انتهت الاوراق…لكن الطابور لم ينتهي..اصبح الطلاب الاخرون يحضرون دفاترهم ويطلبون منا كتابة اسمائهم…!

لم تسعني نفسي من الفرحة يومئذ!

ولمت نفسي كثيرا على هروبي وخجلي…


الإخوة من البحرين، السعودية، الجزائر (زي تقليدي للطوارق)


موقف اخر…

في حصة تعلم اللغة الصينية…طلبت منا الاستاذة ان نكتب اسمائنا بلغتنا الام على لوح السبورة…خرج جميع الطلاب..خرجت بدوري واخذت الطبشورة وكتبت اسمي…لا استطيع وصف دهشه الطلاب من طريقة كتابه اسمي…حتى قال احد الطلاب اليابانيين الكلمة اليابنية الشهيرة "هاااي!" لشده دهشته ..وقامت طالبة كورية بالتصفيق لي…تخيلوا..فقد ظنت انني ارسم لا اكتب كما قالت لي لا حقا…

ما اريد قوله في هذا المقال…ان اللغة العربية هي أجمل ما سمعت وقرأت وحفظت…عندما كنت أتعلم اللغة الانجليزية ورايت قصور هذه اللغه من الاتيان ببعض المعاني الموجودة في لغتنا مثل كلمة "الطمأنينة-العفة-السكينة" كنت اقول في نفسي: سبحان الله! لهذا السبب اختار الله اللغة العربية لغة للقرآن!" لغة عظيمة حقاً.

والان..وانا اتعلم اللغة الصينية…" وكلكم يعلم ايقاع اللغة الصينية "وعندما أتأمل الفرق بينها وبين لغتي الأم..أدرك حقيقة عظمة نعمة الله علي ..أن جعلني من العرب…أتلذذ بجمال ايقاعها…ورقي معانيها…وبتلاوة القرآن!
فضلا شاركه على Google Plus

About Amjaad Almaziad

0 التعليقات:

إرسال تعليق